انتصرت على الإكتئاب (قصة حقيقية)
تاريخ التحديث: ٢٢ أبريل ٢٠٢٢
الصراحة .. لا أتذكر متى بدأت أعاني من أزماتي النفسية .. قد تكون في الطفولة أو المراهقة .. لا أعلم
ولكن أول موقف أتذكره لي من الاكتئاب كان بعد أن رزقت بابني الأول.. بالرغم من النعمة التي رزقني الله بها ولكنها كانت من اسوء فترات حياتي وأكثرها إعتاماً وسواداً
أتذكر جيدا انني كنت تائهة .. لم أفهم نفسي ولم أعرف ما الذي يدور بي ! لم أحب ابني ولم أكرهه ! لم أرد أذيته ولكنني لم اتقبل الرعاية به .. كنت أبكي كثيرا .. بدأت بفقدان مشاعري لكل شيء وبدأت باعتزال الحياة تماما .. فكرت كثيرا وقتها أن مخرجي الوحيد من هذا كله هو الموت ..
كل من حولي كانوا يدعمونني ،، يقومون عني بدوري كأم ويحاولون أن يجعلونني في مزاج أفضل .. كانوا يعتقدون بأنني متعبة أو مرهقة أو خائفة من مسؤوليتي الجديدة .. ولكن أحدا لم يعرف أبدا أن ما أمر به كان مرضاً حقيقياً .. بالرغم بأنني كنت محاطة بالكثير من الأطباء حولي
أبحرت في سوادي واستطعت بعد الكثير من الأشهر أن أغلب الاكتئاب وأرجع لطبيعتي – نوعا ما – واستمرت حياتي بين إرتفاعات وانخفاضات الى أن وصلت للنقطة التي غيرت مجرى حياتي تماما
جاءت سنة صعبة .. مررت فيها بالكثير من المصائب التي جاءت تباعا ووجدتني أعود لسوادي .. كنت كم كان في بئر عميق مهجور لوحده .. فحتى لو جلست مع عائلتي أو صديقاتي، كنت معزولة عنهم لا أشعر بهم ولا أحس بأي شيء خلال الحديث معهم ! كنت كـ آلة ! كنت وقتها أكثر خبرة من المرة الأولى فعرفت أن ما أمر به هو اكتئاب ولكنني قررت أن أحاربه بنفسي كما فعلت المرة السابقة .. ولكن هذه المرة كانت أقوى وأكثر تدميراً ومع ذلك لم أبالي .. كنت مصممة جدا على أن لا أذهب للطبيب (أعتقد بأني كنت مُحرجة أو خائفة .. الصراحة لم أصارح نفسي بالسبب أبداً) .. استمريت في معاناتي هذه إلى أن وصلت لتطور جديد في حالتي .. تخيلت أن أنتحر وتخيلت موتي ولأول مرة في فترة طويلة أشعر بالراحة والسعادة – فقط فكرة انتحاري وتخيل الموت كانت قادرة أن تسعدني! كم أشفقت على نفسي وعلى ولدي وقتها! أحسست وقتها انني أحتاج مساعدة
ذهبت بقلق شديد للطبيبة ، واتذكر بأن جُملي كانت مقتضبة جدا و محددة "أنا أعاني من الاكتئاب واحتاج مساعدة"
كانت لطيفة جداً وتحدثت معي بإهتمام عن حالتي .. سألتني وقيمت حالتي ثم أعطتني خيارات العلاج: دوائي أو سلوكي
كان الاختيار صعب جدا! خفت كثيرا من العلاج الدوائي ولكنني لا اشعر بالراحة مع العلاج السلوكي الذي يتطلب الحديث مع الناس! إستخرت وقررت وإخترت أن أبدأ بالأدوية فهي رح تريحني من الحديث مع الأخصائيين النفسيين عن حالتي وتفاصيلها! أنا لا اتقبل الحديث مع الناس عن خصوصياتي!
بدأت بأخذ الدواء وبالرغم من أنه تسبب لي بخمول أول ٣ أيام ولكنني بدأت مباشرة برؤية النور يدخل إلى حياتي! بدأت أشعر وأحس واستمتع! عدت للضحك وأنا التي لم أضحك من أشهر طويلة! وقتها تمنيت لو أنني أخذت الدواء في وقت ابكر ولم انتظر.
في موعدي الثاني كانت طبيبتي سعيدة جداً بتطور حالتي وقدمت لي الدعم الكامل – شرحت لي بأن الخمول كان فقط عند بداية تناول الدواء وفعلا اختفى بعد ٣ أيام .. حدثتني عن أهمية الاستمرار على الدواء وعدم الانقطاع عنه .. كانت تدعمني وتساندني وتشرح لي كل التفاصيل التي استصعبت أخذ الدواء بسببها .. حاولت أن تقنعني بأن أبدأ علاج سلوكي ولكني لم أقبل – كنت أقول لنفسي كيف أفتح أسراري وتفاصيل حياتي لشخص غريب عني!! لن أستطيع!
بعد عدة زيارات أقنعتني دكتورتي بأن أجرب العلاج السلوكي .. ذهبت لأخصائية وبدأت أتحدث معها .. كانت تركز دائما على مشاعري وأفكاري .. علمتني مهارات مهمة للتحكم فيهما ،، وبعد عدة زيارات تمكنت من التحكم بنفسي وأفكاري تماما .. وعندها استطعت التوقف عن العلاج – بإشراف طبي – واستبداله بالسلوكيات التي علمتني إياها الاخصائية .. مع التركيز بأن الدواء لم يسبب إدمان
وقتها فقط أعلنت انتصاري على الاكتئاب وها أنا – بعد عشر سنوات – ما زلت أعيش انتصاري عليه
أعاني من أيام سوداء طبعا ، واراه " الاكتئاب " يأتي في أفقي بعض الأحيان .. ولكنني أحاربه بالسلوكيات التي تعلمتها وبجلسات التأمل – جربت الدواء وجربت الجلسات النفسية ولم أندم عليهما أبدا .. ولو كنت سأندم فسيكون ندمي على أنني تأخرت كثيرا في طلب المساعدة .. أضعت أياما كثيرة في حياتي وأنا في سوادي ولكن الحمدلله تغلبت عليها في الأخير وها أنا أعيش حياة سعيدة، مستقرة ، ناجحة بفضل من ربي ثم بمساعدة المختصين ..
ترويه
السيدة/ ع